تشير التقارير إلى أن عام 2024 سيكون هو العام الذي تصبح فيه صناعة الذكاء الاصطناعي جادة في تحقيق نتائج قوية عبر شريحة واسعة من المجالات، متجاوزة الضجيج الذي أحاط بنجاح (ChatGPT)، وشركة صناعة الرقاقات (إنفيديا) Nvidia خلال عام 2023.
كما من المتوقع أن تحقق السيارات الكهربائية تقدمًا كبيرًا خلال العام الجديد، أضف إلى ذلك الطفرة الكبرى التي يشهدها سوق شبكات الاتصالات اللاسلكية حاليًا، إذ بدأت الصين بالاستعداد لتشغيل خدمات شبكات 5.5G، كما تعمل آبل على تطوير شرائح مودم تدعم شبكات (6G)، ومن المتوقع أن يشهد هذا السوق الكثير من التطورات خلال العام الجديد.
لذلك مع بداية عام 2024، دعنا نلقي نظرة على التقنيات التي ستغزو حياتنا خلال الأشهر القادمة:
1- إدماج الذكاء الاصطناعي في الأجهزة:
أكدت دراسة أجرتها منظمة (IEEE) أن الذكاء الاصطناعي سيكون أهم تقنية في عام 2024، إذ سيُستخدم بطرق متنوعة في جميع أنحاء الاقتصاد العالمي، وقد شملت هذه الدراسة استطلاع رأي 350 قائدًا من قادة التكنولوجيا العالميين من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين والهند والبرازيل.
وعندما طُرح سؤال مفاده: ما مجالات التكنولوجيا التي ستكون أكثر أهمية في عام 2024؟ اختار 65% من المشاركين الذكاء الاصطناعي، بما يشمل: الذكاء الاصطناعي التنبئي والتوليدي، والتعلم الآلي، ومعالجة اللغات الطبيعية.
إذ أكد المشاركون أن عام 2024 سيشهد استخدام تطبيقات وخوارزميات الذكاء الاصطناعي التي يمكنها تحسين البيانات وأداء المهام المعقدة واتخاذ القرارات بدقة تشبه دقة الإنسان بطرق متنوعة.
وقد شهد عام 2023 انتشارًا واسعًا للذكاء الاصطناعي التوليدي وتطبيقاته مثل: ChatGPT، وBard من جوجل، حتى أصبحت جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية، لذلك من المتوقع أن تستمر النماذج اللغوية الكبيرة في التطور، إذ ستظهر نماذج أصغر حجمًا وأكثر فعالية من حيث التكلفة، بحيث يمكن تشغيلها عبر الهواتف الذكية والحواسيب ومعالجة البيانات دون الحاجة إلى الاتصال بخوادم خارجية.
وقد بدأت جوجل هذا الأمر في عام 2023 بالفعل عندما أطلقت إصدارًا من نموذج (Gemini) يُسمى (Gemini Nano) في هواتفها (Pixel 8) الرائدة لأداء المهام التي تتطلب معالجة سريعة للذكاء الاصطناعي في الهاتف نفسه دون الحاجة إلى الاتصال بخوادم خارجية، مثل: اقتراح الردود داخل تطبيقات الدردشة أو تلخيص النصوص.
كما بدأت شركة آبل بتطوير نموذج ذكاء اصطناعي لتشغيله محليًا في هواتف آيفون، مع ترشيد استهلاك البطارية، إضافة إلى تحليل البيانات ومعالجتها في الهاتف نفسه دون الحاجة إلى الاتصال بخوادم سحابية، وهذا ما أظهرته ورقة بحثية بعنوان (LLM in Flash) نشرتها الشركة في 12 من ديسمبر 2023.
علاوة على ذلك؛ بدأت الحواسيب التي تعمل بمعالجات (Intel Core Ultra) الجديدة بالوصول إلى الأسواق، وتتوقع شركة إنتل أن تمثل الحواسيب العاملة بتقنيات الذكاء الاصطناعي نحو 80% من السوق العالمي لأجهزة الحاسوب.
2- السيارات الكهربائية:
قدمت العديد من شركات تصنيع السيارات خلال عام 2023 طرزًا جديدة من سياراتها كهربائية بالكامل، في حين دخلت المنافسة شركات جديدة مثل: شاومي التي كشفت عن سيارتها الكهربائية الأولى يوم 28 من ديسمبر 2023، وأعلنت طموحاتها في أن تصبح شركة تصنيع سيارات عالمية كبرى خلال 20 عامًا، ويمكنها التنافس مع تسلا وبورشه.
لذلك من المتوقع أن يشهد سوق السيارات الكهربائية تطورات كبيرة في عام 2024، مثل: ظهور تقنيات جديدة في البطاريات، مما يؤدي إلى تحسين المدى، والأداء ، وتقديم أوقات شحن أسرع للسيارات الكهربائية. بالإضافة إلى توسع البنية التحتية للشحن والصيانة بشكل كبير، مما يجعل المركبات الكهربائية خيارًا أكثر ملاءمة للجميع.
3- تقنيات الواقع المعزز والافتراضي:
سلط قادة التكنولوجيا المشاركين في دراسة (IEEE) الضوء على أهمية تقنيات الواقع الممتد (XR)، بما يشمل: الميتافيرس، والواقع المعزز، والواقع الافتراضي، والواقع المختلط في عام 2024.
إذ قال ما يصل إلى 63% من المشاركين أن عمليات المحاكاة الافتراضية باستخدام تقنيات الواقع الممتد والتوأم الرقمي لتصميم النماذج الأولية للمنتجات وتطويرها واختبارها، وتصنيعها بشكل أكثر كفاءة ستكون مهمة في عام 2024.
كما تُراهن آبل على هذا السوق في عام 2024، إذ ستطرح نظارتها الذكية للواقع المختلط (Vision Pro) المبتكرة في مطلع 2024، ووفقًا لما كشفت عنه آبل ستغيّر النظارة طريقة تفاعلنا مع المحتوى الرقمي، فبمجرد ارتداء النظارة سيظهر المحتوى كأنه موجود فعليًا في المساحة المحيطة بالمستخدم، ويمكن تصفحه من خلال حركة العين أو إشارات اليد والأوامر الصوتية، دون الحاجة إلى ذراع التحكم الموجودة في النظارات المتاحة في الأسواق حاليًا.
لذلك يُقال إن العصر التكنولوجي القادم سيكون عصر (الحوسبة المكانية) Spatial Computing، حيث يُوضع المحتوى الرقمي فوق العالم الحقيقي من حول المستخدم ويبدأ بالتفاعل معه.
4- تطور تقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد:
تطورت تقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد بشكل كبير جدًا خلال السنوات الماضية، لدرجة أنها أصبحت عاملًا مهمًا في مستقبل بناء المنازل، ومن المتوقع أن تستخدم في إنشاء المزيد المزيد من المنازل في عام 2024 كوسيلة فعالة من حيث التكلفة، كما تمتاز بأنها صديقة للبيئة.
فقد طورت شركة تدعى ICON – وهي شركة رائدة في مجال تكنولوجيا الطباعة الثلاثية الأبعاد للبناء – نظامًا آليًا يمكنه طباعة منزل كامل طبقة بعد طبقة، باستخدام مادة متينة تسمى (Lavacrete) وهي نوع من الخرسانة يمكنه تحمل الظروف الجوية القاسية والكوارث الطبيعية مع تقليل النفايات والانبعاثات أيضًا.
وقد استخدمت شركة ICON هذا النظام بالفعل لطباعة العديد من المنازل حول العالم، إذ تتمثل رؤيتها في جعل الطباعة الثلاثية الأبعاد في متناول الجميع لإنشاء منازل جميلة وعملية ومرنة.
بالإضافة إلى ذلك؛ هناك ابتكار آخر مثير في مجال الرعاية الصحية وهو الطباعة الحيوية الثلاثية الأبعاد (3D bioprinting)، وهي استخدام الطباعة الثلاثية الأبعاد لإنشاء أنسجة وأعضاء صناعية. من المحتمل أن تحل الطباعة الحيوية مشكلة نقص الأعضاء ورفض الأعضاء المزروعة، بالإضافة إلى تمكين الطب الشخصي واختبار الأدوية.
لا تزال الطباعة الحيوية في مراحلها الأولى، لكن بعض الشركات والباحثين مثل: الباحثين في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا قد حققوا بالفعل بعض التقدم المثير للإعجاب، لذلك من المتوقع أن نشهد خلال عام 2024 تطورات كثيرة في هذه التقنية.
5- مفاتيح المرور Passkeys:
ساعدت جهود كبرى الشركات التقنية مثل: جوجل ومايكروسوفت وأمازون وغيرها من الشركات في زيادة اعتماد مفاتيح المرور (Passkeys) خلال عام 2023، وقد حقق الأمر نجاحًا كبيرًا.
ومن المتوقع أن يكون عام 2024 عامًا مهمًا لتكنولوجيا مفاتيح المرور، خاصة في مجال التكنولوجيا المالية والخدمات المصرفية، إذ بدأت هذه القطاعات في تبني هذه التقنية خاصة في التطبيقات الموجهة للمستخدمين.
وتُعد طفرة الذكاء الاصطناعي التوليدي واحدة من العوامل الرئيسية التي زادت من اعتماد هذه التقنية في هذه القطاعات المعروفة بأنها بطيئة في التكيف مع التقنيات الجديدة، فقد أدى التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي إلى تطور الهجمات السيبرانية، إذ أصبحت متطورة ومعقدة وواسعة النطاق على نحو متزايد، مما دفع هذه القطاعات إلى تبني تقنية (مفاتيح المرور) لحماية البيانات وتعزيز تجربة مستخدميها.
تكتسب خدمات التكنولوجيا المالية والخدمات المصرفية مزية فريدة ذات شقين من خلال اعتماد المصادقة بدون كلمات مرور، وهي: الأمان المثبت لتشفير المفتاح العام الذي تُبنى عليه مفاتيح المرور، في حين ستوفر لمستخدميها تجربة تسجيل دخول بسيطة ومألوفة لهم من خلال مزايا المصادقة البيومترية – بصمة الإصبع Touch ID أو تعرّف الوجه Face ID – الموجودة في هواتفهم.
ستؤدي زيادة اعتماد مفاتيح المرور إلى القضاء على متاعب كلمات المرور ونقاط ضعفها، وسيؤدي ذلك إلى تقليل الهجمات الإلكترونية وخروقات البيانات التي تعاني منها الشركات، الأمر الذي سيجعل التفاعلات عبر الإنترنت أكثر أمانًا.
المصدر: