لا تقترب كثيرًا ولا تبتعد أيضًا… كيف تؤثر منصّات التواصل الاجتماعي على السلوك البشري؟
14/06/2021 - معلومات عامة - 9150
لم تغيّر وسائل التواصل الاجتماعي نمط التفكير البشري فحسب بل أصبحت تؤثّر على سلوكنا وتفكيرنا وحتى قراراتنا، فجاءت اليوم بطرقٍ جديدة من التواصل أثّرت بشكل مباشر على الحياة اليومية، وساهمت في تحويل العالم إلى قرية صغيرة تستطيع مشاركة أفكارك الخاصة واهتماماتك مع من يحمل نفس الاهتمامات في جميع أنحاء العالم، مع ذلك على الرغم من تأثيرها الإيجابي، إلا أنها حملت العديد من السلبيات على سلوك الأفراد، سنتعرّف في هذا المقال على وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيراتها على السلوك البشري.
وسائل التواصل الاجتماعي
يمكن تعريف وسائل التواصل الاجتماعي على أنها المواقع أو قنوات الاتصال عبر الإنترنت المخصّصة للتفاعل الاجتماعي ومشاركة الآراء والاهتمامات والتعاون وحتى يمكن أن تكون مناسبة للبحث عن فرص العمل، ومن تلك المواقع المشهورة Facebook و Twitter و Instagram و LinkedIn و Pintertest وغيرها، وعبر استخدام تلك القنوات نستطيع مشاركة اليوميات والذكريات وإعادة الاتصال بالأصدقاء مهما كانت المسافة بعيدة.
تشير التقديرات إلى أنّ عدد مستخدمي الإنترنت قد تجاوز 4.5 مليار شخص أمّا بالنسبة لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي فقد تجاوز عددهم 3.8 مليار مستخدم والعدد في ازدياد.
اقرأ أيضًا: الصور المزيّفة في كل مكان.. مواقع إلكترونية تسمح لك باكتشاف الصور المزيّفة والتحقّق منها!
كيف تؤثّر مواقع التواصل على الأفراد؟
يؤدّي الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي إلى العديد من التأثيرات على حياة الأفراد وسلوكهم، وذلك لأن روّادها دومًا في ازدياد، وقد تجاوز عدد المستخدمين نسبة 60% من سكان العالم، مع العلم أنّ الشركات الكبرى التي تملك تلك المواقع في سعيٍ دائم إلى زيادة عدد المشتركين باستخدام علوم البيانات الضخمة وتقنيات الذكاء الاصطناعي والخوارزميات المرتبطة بخدمات التسويق وتحديد المواقع وغيرها، وسنذكر فيما يلي بعض التأثيرات الناتجة عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
التواصل
لطالما كان للتكنولوجيا دور كبير في تغيير الحياة البشرية، فالتَطور في القطّاع التقني يتناسب مع تسهيل حياة الأفراد، والأمر مشابه في وسائل التواصل الاجتماعي، ففي السابق كانت البشرية تستخدم التواصل الحيّ (وجهًا لوجه) في شتّى أنحاء الحياة من اجتماعات العمل والعائلة إلى المقابلات والأنشطة الرياضية وغيرها على غرار الوضع الحالي ولكن قبل وجود وباء Covid-19، فقد أصبحت معظم اللقاءات والاجتماعات والأعمال في الوقت الحالي عبر تلك الوسائل وغيرها من البرامج المخصّصة لذلك.
ناهيك عن أن المبالغة في استخدام تلك الوسائل خصوصًا بالنسبة للمراهقين والأطفال قد تؤثّر على صحّتهم النفسية سلبًا ويخفّض من مهاراتهم الاجتماعية ويساعدهم على اختلاق شخصيات وسلوكيات قد تبدو مختلفة عن سلوكهم الحقيقي الأمر الذي يؤدّي إلى حدوث مشاكل كارثية في بعض الأحيان، بالإضافة إلى ضعف الترابط والألفة الاجتماعية في الاجتماعات العائلية فلا يخلو أي اجتماع عائلي من شخص يجلس بمفرده ويستخدم وسائل التواصل الاجتماعي.
اقرأ أيضًا:كيفية فتح قفل الآي-فون الخاص بك أثناء ارتداء الكمامة في iOS 14.5
الصورة الذاتية
حتى لو كنا نعلم أن الصور المستخدمة عبر وسائل التواصل تتعرّض إلى العديد من التعديلات والفلاتر التي تزيد من جمالها إلا أن ذلك سيجعل الفرد في حالة من عدم الرضا عن حياته الخاصة وصورته الحقيقية، فما نراه على انستغرام Instagram مثلًا يبيّن الحالة المثالية للآخرين فلا يوجد شخص حزينٌ على إنستغرام، كما أن الزيادة أو النقص في كمّية التفاعل على المنشورات واليوميات تزيد من تعلّق بالشخص بتلك الوسائل مماّ يزيد من عدد ساعات الاستخدام في المقابل، وبالتالي عدم الرضا عن الحياة التي يعيشها وقد يؤدي في حالات نادرة إلى الانتحار.
التنمّر الإلكتروني
يسبّب التنمّر بكل أنواعه نوعًا من ضعف الشخصية لدى الاشخاص الذين يتعرّضون للتنمّر، وهؤلاء الأشخاص هم عادةً ممن يفضّلون العزلة ولا يميلون إلى النشاطات الاجتماعية المشتركة، ولم يتوقّف التنمّر في عصرنا عند كونه إحدى التصرّفات السلبية في الواقع بل أصبح للمتنمّرين مساحة حرةُ لفعل ما يحلو لهم الكترونيًا وعلى نطاق أوسع بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، فقد أفاد أكثر من 10% من مستخدمي وسائل التواصل أنهم تعرّضوا للتنمر والتعليقات المسيئة والعنصرية بشتّى أنواعها عبر تلك المنصّات، مع العلم أن معظم شركات التواصل الاجتماعي في حربٍ دائمة مع المتنمّرين وعلى الرغم من اتخاذ قرارات عديدة من قبل هذه المنصّات بهدف إيقاف المتنمّرين أو حذفهم، سيجد هؤلاء طريقًا لفعل ما يريدون ممّا سيترك جروحًا عاطفية وعقدًا نفسية لدى بعض المستخدمين.
اقرأ أيضًا: لماذا وقت الغفوة في الآي-فون 9 دقائق بالضبط؟
التوتر والحالة المزاجية
تساعد مواقع التواصل الاجتماعي على تفريغ ما بداخل المستخدمين من آراء أو أفكار وتنّوع الاختلافات والآراء بين الأشخاص في هذه المنصّات يخلق حيزًا من التوتر عند البعض منهم، فقد لا يقبل أحد الأطراف رأي الطرف الآخر، وينتج عن ذلك سجال عقيم يؤدّي إلى توتر أحد الطرفين، أو قد تتوتّر نتيجة تصفّح هذه المنصّات دون نشر التعليقات أو المنشورات فقد تتصفّح حسابك على Facebook في الصباح الباكر وتقرأ إحدى الأخبار السيئة ويؤثّر ذلك على يومك بأكمله.
كما أن لمواقع التواصل تأثير على الحالة المزاجية، فهي تؤدّي إلى ما يسمى FOMO والتي ترمز إلى “Fear of missing out” أو الخوف من تفويت الإشعارات، فهي إحدى العوامل التي تحرّض على إدمان تلك الوسائل، والتي تُصَنّف أيضًا على أنها نوع من أنواع القلق الاجتماعي، ناهيك عن وجود المنشورات التي تؤثّر على الحالة المزاجية للأفراد سلبًا أو إيجابًا بسبب قراءة الأخبار وذلك وفقًا لدراسة من مجموعة من الباحثين من جامعة كاليفورنيا.
كيف نقلل من تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على حياتنا؟
مهما بلغت وسائل التواصل الاجتماعي من تأثير على الفرد والمجتمع ولكن هناك العديد من الطرق المُجَرّبة والفعّالة لتقليل آثارها، وإليكم بعضًا منها:
- تقوية العلاقات الحقيقية مع تجنّب استخدام الهاتف إلا عند الحاجة لذلك.
- قم بتنمية هواية أو رياضةٍ تمارسها إما بنفسك أو برفقة الأصدقاء كالسباحة وكرة القدم وغيرها.
- حدد وقتًا للرد وتصفّح تلك الوسائل ومن الأفضل ألّا يكون قبل النوم.
- احذف التطبيقات التي لا تحتاج لاستخدامها.
- اجعل من تلك الوسائل مكانًا لزيادة معلوماتك وثقافتك وذلك عبر متابعة الصفحات المفيدة.
المصدر: