ماذا يعني انتقال آبل لاستخدام معالجات ARM بالنسبة للمستخدم؟ وكيف سيغير ذلك سوق الحواسيب مستقبلاً؟
22/07/2020 - اخبار ابل - 1235لا شكّ أنّ آبل تعتبر من أكبر الشركات التقنيّة وأكثرها تأثيراً على السوق اليوم، فعلى الرغم من الانتقادات الموجّهة لها بسبب تأخّرها باستخدام آخر التقنيّات مع منتجاتها مثل آيفون، إلّا أنّ بعض خطواتها الجريئة التي قامت بها سابقاً غيّرت السوق لسنوات، فقد كان لها دور كبير بنموّ سوق الهواتف الذكيّة بعد إعلانها عن أوّل هاتف آيفون عام 2007، ومنذ عدّة أسابيع خلال مؤتمر WWDC 2020، قامت بخطوة جريئة أخرى من شأنها أن تغيّر سوق الحواسيب بالكامل مستقبلاً.
بعد أن بقي الموضوع عبارة عن إشاعة صعبة التصديق لسنوات، أعلنت الشركة أخيراً عن خطّتها الممتدّة لعامين من أجل استبدال معالجات Intel بمعالجات ARM ضمن حواسيب Mac الخاصّة بها، وهو ما يعتبر قراراً جريئاً نظراً لصعوبة تطبيقه وكثرة التحدّيات التي قد تقف في طريق الشركة في حال انتقالها لاستخدام معالجات ARM بالكامل، ولكن ما سبب أهميّة هذا القرار بالنسبة للمستخدمين؟ وكيف سيؤثر على سوق الحواسيب مستقبلاً؟ هذا ما سنجيب عنه في مقال اليوم.
ما الفرق بين Intel وARM ولماذا تجاهلت آبل معالجات AMD؟
الفرق التقني الأساسي بين معالجات Intel ومعالجات ARM هو أنّ الأولى تستخدم معماريّة شهيرة تدعى x86 وتعتمد على مجموعة تعليمات معقّدة تدعى CISC، في حين تستخدم ARM معماريّتها الخاصّة التي تعتمد على مجموعة تعليمات مبسّطة تدعى RISC، تعتبر مجموعة التعليمات “Instruction Set” التي يستخدمها المعالج هي الأوامر الأساسيّة التي يعمل من خلالها، وهي مسؤولة بشكل كبير عن كيفيّة تصميمه وعمله وصرفه للطاقة أيضاً.
تقوم معالجات Intel باستخدام معماريّة x86 وتصنيع المعالج بالكامل وبيعه لجميع شركات الحواسيب التي تطلب منها ذلك، وبالتالي فهي تتحكّم بالسعر والجودة والمواصفات وكيفيّة الإنتاج والتصنيع بالكامل، في حين أنّ ARM هي عبارة عن شركة تقوم بعمل التصاميم الخاصّة للمعالج ومن ثمّ ترخيصها للشركات الأخرى مثل آبل، حيث تقوم الأخيرة بالتعديل على هذا التصميم بما يناسبها ومن ثمّ الطلب من شركة خاصّة مثل TSMC أو سامسونج أن تقوم بتصنيع المعالج وفق المواصفات والمعايير التي اختارتها آبل.
بالنسبة لمعالجات AMD، فهي تستخدم معماريّة x86 “قد تأتي بأسماء أخرى” كما هو الحال مع Intel، وذلك بالاعتماد على مجموعة تعليمات CISC أيضاً، وبالتالي فهي تقوم بإنتاج وتطوير معالجاتها الخاصّة وبيعها للشركات الأخرى وطبيعي أنّها لن تسمح لآبل باستخدام معماريّتها وتعديلها بما يناسبها، في حين أنّ معماريّة معالجات ARM ليست حصريّة وتسمح لشركات أخرى مثل آبل بترخيص هذه المعمارية والتعديل عليها بما يناسبها.
ماذا يعني انتقال آبل لاستخدام معالجات ARM بالنسبة للمستخدم؟
يعتبر انتقال آبل لاستخدام معالجات ARM نقلة نوعيّة ستؤدّي إلى كثير من التغييرات على حواسيب الشركة، وعلى الرغم من أنّ الوقت ما يزال مبكراً لمعرفة نتائج هذا التغيير بشكل دقيق، إلّا أنّه من ممكن توقّع بعض التغييرات التي سيلاحظها المستخدم عند استخدامه أو شرائه لأحدها في المستقبل:
أسعار أقل
ستتحكّم آبل بكيفية تطوير المعالج وتصنيعه بشكل كامل، بالإضافة إلى كون معماريّة ARM ليست حصرية لشركة ما كما هو الحال مع معماريّة x86، فإنّ الشركة ستتمكّن من توفير بعض التكاليف مع مرور الوقت عند اعتمادها على معالجات ARM في حواسيبها، خاصّة مع أسعار معالجات Intel التي ما زالت مرتفعة مقارنة بالمنافسين، وبالتالي فمن الممكن أن تأتي حواسيب Mac مستقبلاً بأسعار أقلّ مقارنة مع ما كان يقابلها من معالجات Intel.
تجدر الإشارة إلى أنّ تكاليف الإنتاج التي قد توفّرها آبل لا يعني بالضرورة أنّها ستنعكس على المستخدمين بشكل مباشر، حيث من الممكن أن تقوم الشركة بالاستفادة من المبلغ الذي قامت بتوفيره وضمّه لأرباحها الحاليّة أو الاستثمار به لتطوير حواسيب Mac أو إضافة ميزات جديدة دون رفع السعر مثلاً.
حرارة أقل وحياة بطاريّة أطول ووزن أخف
نظراً للطريقة التي تعمل بها معالجات ARM، فإنّ أهمّ ما يميّزها عن Intel وغيرها من معالجات الحواسيب الحاليّة هو أنّ صرفها للطاقة أقلّ بشكل ملحوظ، كما أنّها مصمّمة منذ البداية لتقدّم أداء عالي مع أقلّ حرارة ممكنة، وبالتالي ونظراً لخبرة آبل الواسعة في هذا المجال والمتجليّة بهواتف آيفون وآيباد، فإنّ قيامها بإطلاق حواسيب Mac بدون مراوح تبريد أو مع حياة بطاريّة مضاعفة مقارنة مع ما تقدّمه المنتجات الحاليّة يعتبر احتمالاً وارداً.
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ استخدام معالجات مع ناتج حراري أقلّ يعني أنّ المجال أصبح أوسع أمام الشركة لإنتاج حواسيب MacBook أخفّ وزناً وأكثر نحافة، وذلك لانعدام الحاجة لاستخدام مراوح تبريد أو نظام تبريد معقّد يضمّ أكثر من مروحة مثلاً.
إمكانيّة تشغيل تطبيقات الهاتف على الحاسوب
تردّدت بعض الإشاعات في السابق حول أنّ الشركة تخطّط إلى توحيد التطبيقات على أجهزتها المختلفة من آيفون وآيباد وحواسيب Mac، وهو ما كان أمراً مستبعداً نظراً لصعوبة تحقيق ذلك، ولكن خلال إعلان آبل عن انتقالها إلى معالجات ARM في المؤتمر، أعلنت عن أنّ تطبيقات هواتفها سيصبح من الممكن تشغيلها على حواسيب Mac القادمة بسهولة.
بالطبع فإنّ الوقت ما زال باكراً لمعرفة الوقت اللازم حتى تصبح هذه الفكرة حقيقة، ولكن مع كون جميع منتجات آبل مستقبلاً ستستخدم معالجات ARM، بالإضافة لكون الشركة تتحكّم بتصنيع وتصميم منتجاتها وأنظمة التشغيل، فإنّ القيام بذلك لن يكون بالصعب على شركة آبل.
توافقيّة أفضل
أصبحت آبل تمتلك خبرة واسعة في مجال تطوير معالجات ARM وتعديلها، حيث أنّها كانت تفعل ذلك لسنوات ضمن هواتف آيفون التي ما زالت متفوّقة بشكل كبير على منافسيها من هواتف أندرويد التي تستخدم معالجات Qualcomm.
خلال الأشهر القادمة ستقوم آبل بالإعلان عن أوّل حاسوب Mac مع معالجات ARM الجديدة، ومن المتوقّع أن تأتي مع بعض مشاكل التوافقيّة التي ستعمل الشركة على حلّها بسرعة كما جرت العادة، ولكن في المستقبل ومع مرور الوقت، ستصبح تلك المعالجات متوافقة بشكل أكبر مع باقي أجزاء الحاسوب ومع النظام أيضاً، وبالتالي سيصبح النظام أكثر استقراراً وستتمكّن الشركة من إرسال تحديثات بشكل مستقلّ بعيداً عن ارتباطها بمعالجات Intel.
كيف سيتغيّر سوق الحواسيب بعد قيام آبل باعتماد معالجات ARM؟
لا شكّ أنّ معالجات ARM ستبدأ ثورة جديدة في عالم الحواسيب، حيث أنّها تقدّم الكثير من الميزات التي ما زالت تعجز معالجات x86 من Intel وAMD عن تقديمها، ولكنّ المشكلة هو أنّ انتشار هذه المعالجات بشكل واسع مرتبط بنظام ويندوز 10 بشكل مباشر، وذلك لكونه الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم اليوم، وبالتالي فإنّ أيّ تطوّر في مجال الحواسيب من ناحية المعالجات يجب أن يبدأ من شركة مايكروسوفت في البداية.
على الرغم من أنّ مايكروسوفت بدأت بإطلاق إصدار خاصّ من نظامها لدعم معالجات ARM، إلّا أنّ الأجهزة التي تستخدمه ما زالت بطيئة ومستهلكة للطاقة ولا تدعم الكثير من البرامج، وهو ما كان واضحاً مع جهاز Surface Pro X الذي أطلقته العام الماضي، وفي حال تمكّن آبل من الوفاء بوعودها والاعتماد على معالجات ARM بشكل كامل خلال العامين التاليين، فإنّ ذلك سيجعلها أكثر قدرة على المنافسة في هذا المجال، وبالتالي ستتمكّن من توسيع سياساتها الاحتكاريّة التي تبدو واضحة بشكل أكبر مع هواتف آيفون وآيباد.
في الوقت الحالي فإنّ معظم الحواسيب المكتبيّة والمحمولة تستخدم معالجات AMD و Intel، والتي على الرغم من أنّها ما زالت متفوّقة على معالجات ARM بمراحل، إلّا أنّها تعاني من بعض التحدّيات على الحواسيب المحمولة، وفي حال عدم تمكّن مايكروسوفت بالإضافة لشركات تصنيع المعالجات من تطوير حلول وتقنيّات بديلة تستطيع منافسة ما ستقدّمه آبل، فإنّ الطريق سيكون مفتوحاً أمامها للهيمنة على سوق الحواسيب المحمولة في المستقبل.
المصدر :