في التكنولوجيا، يوجد جديد كل يوم بلا شك، الحياة التكنولوجية لا تنفك أن تبهرنا بالمزيد والمزيد مع كل لحظة تمر، لكن هناك شركة بعينها انتقدها الجميع بشدّة على تمسّكها بالهيئة القديمة، بالرغم من ثورية تقنياتها ما زالت تلك الشركة تحقق أعلى مبيعات في الأسواق حتى الآن، وما زالت أجهزتها تُباع بطريقة استثنائية، إنها شركة أبل – Apple العريقة، صاحبة أبرز جهاز تكنولوجي في الألفية الجديدة: الأيباد – iPad يا أعزائي.
عندما صدر الجهاز لأول مرة على يد ستيف جوبز – Steve Jobs في 2010، اعتبره الناس مجرد أيفون كبير ليس إلا. ولأصدقكم القول، استمر هكذا في عقول الناس لفترة طويلة. لكن النقلة النوعية له حدثت عند صدور نظام تشغيل الـ iPad OS، نظام التشغيل المخصص له فقط، والذي استطاع تمييز الأيباد عن الأيفون، وبهذا تم وضعه في فئة الأجهزة الإنتاجية، بدلًا من فئة الأجهزة الترفيهية، حتى أنني أكتب لكم هذا المقال الآن على الأيباد الخاص بي، وعلى وجه التحديد iPad Air 2019.
الآن لنتحدث قليلًا عن هذا الوحش، مسلطين الضوء على أبرز المهام التي يستطيع تنفيذها، وبسعر أقل بكثير من الحواسيب المحمولة من شركة أبل.
الأيباد وفلسفة اللمس الإبداعي
إذا قرأت الكثير عن ستيف جوبز، ستعرف أنه شخص عملي من الطراز الرفيع، وصاحب رؤية بعيدة المدى جدًا، عندما اعتلى المسرح وعرض الأيباد لأول مرة، عرف الجميع أن هذا الجهاز سيكون نقلة نوعية في عالم التكنولوجيا، وقتها كانت شاشات اللمس مقتصرة على الهواتف، وكانت أفضل هواتف اللمس هي الأيفون لكن شاشته صغيرة للغاية، ولم تأخذ أبل قفزة في الحجم إلا مع الأيفون 6 لاحقًا، لذلك كان لا بد من وجود جهاز جديد قادر على نقل تجربة اللمس إلى المستوى التالي، وهنا يأتي الأيباد بالتأكيد.
اقرأ أيضًا: كيف ربحت آبل سوق الأجهزة اللوحية ؟
لكن يجب التركيز على نقطة، رؤية ستيف هي أن التفاعل مع شاشة اللمس يجب أن يأتي من المستخدم نفسه، دون الحاجة إلى وسيط، لذلك كان يكره -وبشدة- أقلام اللمس، وعندما أصدر الأيباد بحجمه العملاق مقارنة بالأيفون، لم يصدر له قلمًا كذلك، لأن نظام التشغيل في الأساس كان بسيطًا للغاية، ولم يحتج إلى أي نوع من أنواع الدقة والتركيز.
لكن بعد وفاة ستيف، وحصول الأيباد على مكانة كبيرة في قلوب وعقول المستخدمين حول العالم، حان الوقت لصنع تغيير، وبالفعل تم إصدار قلم لمس للأيباد، وكان قلم الجيل الأول (الذي يشحن بطريقة مريبة للغاية في الواقع).
تحوّل الأيباد من مجرد جهاز تتعامل معه بإصبعك فقط، إلى جهاز يمكنك فعليًّا أن ترسم عليه لوحاتٍ فنية غاية في الجمال والروعة. الـ Apple Pencil 1 استطاع ترغيب شرائح كبيرة من المستخدمين في الأيباد كجهاز يستطيع إنجاز مهام فعلًا، الآن أصبح الأيباد أداة يستطيع أن يستخدمها المعلم في الفصل، المهندس في الحقل، الطبيب في المستشفى، الرسام في المنزل، الكاتب في الجريدة، وغيرهم الكثير. انتقل الأيباد من فئة (الجهاز الترفيهي) إلى (الجهاز الإنتاجي) في لمح البصر، وهذا ما شجّع على اتخاذ الخطوة التالية.
الإنتاجية عظيمة، لكن الهيئة غير عصرية
بالتأكيد هذا ما فكّرت فيه أبل بعد النجاح الكبير للقلم بصحبة الأيباد، ولهذا صدر لنا الأيباد بهيئته الجديدة لأول مرة في 2018، مع الأيباد برو – iPad Pro فقط. قدّمت أبل تلك المرة نسخة خارقة من الأيباد، مع تصميم عصري يمتاز بالحواف المتساوية، والمدفوعة نحو الأطراف؛ مما أعطى مساحة أكبر للشاشة كي تسحر المستخدم، ومع الألوان الموزونة ومعدّل التحديث الخارق للشاشة (120 إطارًا بالثانية)، بات الأيباد برو 2018 مقصد أي شخص تعتمد حياته على الألوان بصفة رئيسية ولذلك لاقى نجاحًا كبيرًا في الوسط الفني للرسامين وصنّاع المحتوى المرئي على يوتيوب.
وللفنانين بالتحديد، تم إصدار النسخة المحسنة من القلم، تحت عنوان Apple Pencil 2، تلك النسخة التي تلافت فيها أبل كل عيوب النسخة الأولى، وعملت على تقديم تجربة أفضل هذه المرة (الشحن هنا طبيعي ومنطقي على الأقل). استمر الأيباد برو في اكتساح عالم الأجهزة اللوحية، حتى صدرت نسخته الجديدة في 2020.
تميّزت تلك النسخة بالكاميرات الأفضل، وبعض التغييرات الطفيفة في الجهاز ككل، في وجهة نظري أرى أن التغيير من الأيباد برو 2018 إلى 2020، لم يستحق الأموال التي أُنفقت عليه، وربما كان على أبل فعلًا تقديم شيء مختلف للجمهور، لكن على كل حال، أبل معروفة بالحفاظ على تصاميمها لفترة طويلة جدًا، أليس كذلك؟
والآن، لماذا يجب شراء الأيباد فعلًا؟
الشريحة الرئيسية لجهاز الأيباد
الشريحة (وحدة المعالجة المركزية) هي أشهر ما يميز أجهزة أبل عمومًا، والأيباد خصوصًا، فعلى سبيل المثال وجود شريحة Apple Silicon 12 في الأيفون، يختلف تمامًا عن وجودها في الأيباد، تلك الشريحة لها أداء مساوي للعديد من معالجات Intel الباهظة، بل وتتميز عنها كونها مبنية على معمارية ARM، أي أنها صامتة، ومع كل إصدار جديد من شرائح أبل، تستخدم هيئة نانوية أقل، فبالتالي توفر في الطاقة أكثر، وتنقذ المستخدم من السخونة المفاجئة لجهازه.
لكن وجودها في الأيفون عبارة عن تقييد واضح، تلك القدرات يجب أن توضع في جهاز أكبر يستطيع فعلًا استغلالها، وبالفعل هذا ما حدث مع الأيباد كجهاز لوحي كبير، فقد أطلقت الشاشة الكبيرة العنان لقدراتها، وأخرجت الوحش من محبسه أخيرًا، وبفضل تلك الشريحة عزمت أبل على إصدار الـ iPad OS ليستغلها أكفأ استغلال.
الشمولية في العمل
مع استخدام القلم، يصبح الأيباد جهازًا يستطيع فعل أي شيء تريده تقريبًا، بالقلم تستطيع الرسم، تعديل الفيديوهات والصور، أخذ الملاحظات، التحرّك في أرجاء نظام التشغيل بسلاسة، وغيرها الكثير، وحتى بدون القلم، تجربة تصفح وسائل التواصل الاجتماعي رائعة، بجانب مشاهدة مقاطع الفيديو بمنتهى الوضوح والدقة.
وبالرغم من كونه جهازًا إنتاجيًّا بالنسبة لأبل، إلا أنها عملت على زرع جانب ترفيهي فيه أيضًا. وبالفعل عملت على دعم ذراع تحكم البلاي ستيشن 4 معه، وبهذا أصبح بإمكان المستخدم اللعب عليه دون لمسه حتى. وهنا قدمت أبل مكتبة ألعاب كاملة تحت عنوان Apple Arcade، وكلها ألعاب مصممة لأجهزة أبل فقط، ومبرمجة حتى تستغل كل قدرات شرائح السيليكون خاصّتها.
المستقبل الواعد لجهاز الأيباد
في منتصف 2020 تقريبًا، تم عقد مؤتمر أبل للمطوّرين مباشرة على الإنترنت، أعلنت آبل حينها عن استغنائها تمامًا عن إنتل في الفترة القادمة، بالنسبة لمعالجات حواسيبها. والدليل الدامغ على هذا أتى بنظام تشغيل الماك الجديد، والذي يعمل بالكامل على شرائح السيليكون، نفس الشرائح الموجودة في الأيفون والأيباد.
ستقول لي: “وما دخل الأيباد بالموضوع؟ لم يحصل الجهاز على تحديثات كبيرة في المؤتمر”. حسنًا، هذا واضح، لكن انظر لما بين السطور يا عزيزي.
الآن أصبح نظام تشغيل الماك قائمًا على شرائح أبل، بالتالي تمت برمجة تطبيقات الماك حتى تعمل على تلك الشرائح، هل فهمت ما أقصد الآن؟ هناك احتمالية كبيرة لصدور برمجيات الماك، للأيباد!
اقرأ أيضًا: من بينها شرائط كاسيت وجهاز ألعاب..7 منتجات لأبل لا يعلم عنها أحد
تخيل معي Final Cut للأيباد؟ هنا سوف يُسحق Luma Fusion سحقًا، دعنا نترك هذا التطبيق جانبًا، ماذا بشأن الحصول على نسخة حاسوبية كاملة من برمجيات أدوبي للأيباد، بدلًا من مجرد نسخة فوتوشوب مبتورة الأطراف؟ الأمر غير بعيد على الإطلاق.
ولهذا الأيباد في هذه المرحلة من عمره، يعتبر سبيكة مصنفرة من الزجاج، تستطيع أن تخلق العوالم، تصنع التغيير، وتغير حياة أي إنسان بدون أدنى شك.
المصدر: