تُعدُّ الهجمات الوبائية الفيروسية من أخطر ما واجهته البشريّة منذ الأزل وحتى وقتنا الحاضر، وعلى الرغم من التطوّر الكبير والتقدّم الهائل في مجال الطب، إلا أننا لازلنا نتعرّض لأنماطٍ وسلالاتٍ فيروسيةٍ جديدة ما لبثت تشكّل تحديّاتٍ كبيرةً للأطباء والخبراء، وأبرز هذه الفيروسات التي ظهرت في السنوات القليلة الماضية هو فيروس كورونا (Coronavirus)، والذي يُعزى له أحد الأمراض والمتلازمات الشديدة والتي تُدعى بمتلازمة الشرق الأوسط أو مرض كورونا.
ولكن ما هو فيروس كورونا؟ وكيف ظهر؟ وما هي أعراض ومظاهر مرض كورونا الذي يسبّبه؟ وهل له علاجٌ شافٍ؟ في مقالنا هذا سنجيب عن هذه الأسئلة ونستعرض شرحًا وافيًّا لفيروس كورونا وتفاصيل متلازمة الشرق الأوسط الخطيرة التي يسبّبها.
فيروس كورونا
فيروس كورونا (بالإنكليزية Coronavirus) هو في الواقع أحد أشد أنواع الفيروسات التي تستهدف الجهاز التنفسي للثديّات (من بينها البشر) وهو المسبب الرئيسي للعديد من الأمراض الخطيرة مثل المتلازمة الرئوية الحادة ومتلازمة الشرق الأوسط (مرض كورونا ويُعرف اختصارًا بـ MERS-CoV) والتي ظهرت خلال السنوات القليلة الماضية.
يُعدُّ فيروس كورونا ذا منشأ حيواني، هذا يعني أن الإصابة انتقلت من البشر عبر الحيوانات ثم بين البشر أنفسِهم. وبيّنت الدراسات أن الخفافيش هي الموطن الأصلي لظهور الفيروس، وأنّه قد انتقل إلى الثديّات (الجِمال بشكلٍ أساسيٍّ) منذ مدّةٍ طويلةٍ، ثمّ إلى البشر عبر التفاعل المباشر وغير المباشر مع الثديّات الحاملة للفيروس.
وصلت العديد من التقارير منذ عام 2012 التي تفيد بوجود إصاباتٍ سببها فيروس كورونا في العديد من الدول في الشرق الأوسط، سيّما المملكة العربية السعودية وقطر والبحرين والإمارات العربية المتحدة، والجدير بالذكر أن أكثر من 80% من هذه الإصابات كانت في المملكة السعودية، وأظهرت الأبحاث أن الإصابة كانت نتيجة التفاعل المباشر للمواطنين في تلك المناطق مع الجمال المُصابة وتناول لحومها، بالإضافة إلى التفاعل مع المرضى المُصابين سابقًا.1
متلازمة الشرق الأوسط
ظهرت متلازمة الشرق الأوسط، أو ما يُعرف باسم مرض كورونا، لأوّل مرةٍ سنة 2012 في المملكة السعودية في الوقت الذي انتشر فيه فيروس كورونا في المنطقة، وبيّنت الدراسات أن الفيروس يستهدف بشكلٍ أساسيٍّ الجهاز التنفسي للمرضى، وبوجهٍ خاص الخلايا الظهارية غير المهدّبة للبطانة الداخلية للطرق التنفسّية، على الرغم من أن معظم الفيروسات التي تصيب الجهاز التنفس تستهدف الخلايا الظهارية المهدّبة، وهذا ما ميّز فيروس كورونا وضيّق نطاق تفشّي الفيروس (لأن الخلايا غير المهدبّة المُصابة تشكل 20% فقط من الجهاز التنفسي).
أسباب مرض كورونا وعوامل الخطورة
كما ذكرنا سابقًا، فإن السبب الأساسي للمرض هو فيروس كورونا ذاته، وإنّ المصدر الأساسي للفيروس هو الجِمال (النوق)، لذا فإن التعامل المباشر مع الجمال (التعرّض لهواء التنفس مباشرةً) وتناول أحد منتجاتها (الحليب أو اللحم غير المطهو جيّدًا) يحمل خطرًا كبيرًا لانتقال الفيروس منها إلى الإنسان. كما أشارت التقارير إلى وجود حالات انتقالٍ للفيروس بين البشر سيّما لدى العاملين في مراكز الرعاية الصحية.
تزداد عوامل الخطورة وازدياد فُرص الإصابة وانتقال فيروس كورونا لدى المرضى الذين يعانون من بعض الحالات المرضية المزمنة، نذكر منها:
- الأمراض المزمنة مثل مرض السكري والالتهاب الرئوي المزمن والاضطرابات القلبية.
- المرضى الصغار والطاعنون في السن.
- حالات نقل الأعضاء، حيث يخضع المرضى في هذه الحالات إلى أدويةٍ خافضةٍ للمناعة من أجل ضمان عدم رفض الجسم للعضو الجديد المزروع.
- تناول الأدوية الخافضة للمناعة من أجل علاج الأمراض ذات المنشأ المناعي الذاتي.
- المرضى الذي لديهم ضعفٌ في الجهاز المناعي، سيّما مرضى السرطان الذي يخضعون للمعالجات الشعاعية والتثبيطية.
لسوء الحظ فإن نسبة الوفاة بسبب فيروس كورونا عالية، حيث أشارت بعض الإحصائيات أنها وصلت إلى 35% من المصابين، على الرغم من أن هذه الإحصائيات قد لا تكون دقيقةً بشكلٍ كاملٍ، إلّا أن متلازمة الشرق الأوسط مرضٌ خطيرٌ ولا بُد من أخذ الحيطة قدر المستطاع.
الأعراض التي يسبّبها فيروس كورونا
يندرج مرض كورونا تحت تصنيف الأمراض الشبيهة بالإنفلونزا، مع أعراض وعلامات لالتهاب الرئة، أظهرت التقارير أن الأعراض المبكّرة للمرض تشبه إلى حدٍّ كبيرٍ أعراض مرض SARS (التهاب الرئة الحاد)، وتتضمّن الأعراض الأساسية الشائعة للمرض:
- حمى.
- سعال مستمر.
- قصور وضيق في التنفس.
بالإضافة إلى بعض أعراض ثانوية مُرافقة والتي تتضمّن:
- قشعريرة.
- ألم صدري.
- التهاب حلق.
- صداع.
- إسهال.
- غثيان وإقياء.
الجدير بالذكر أن العديد من مرضى متلازمة الشرق الأوسط قد يطوّرون أعراضًا بسيطةً أو حتى لا تظهر عليهم أي أعراضٍ، وبالمقابل قد يسبب فيروس كورونا أعراضًا شديدةً ومهدّدةً للحياة – يحتاج معها المصابون إلى رقابةٍ صحيّةٍ شديدةٍ في المشفى – وتتضمّن هذه الأعراض:
تشخيص فيروس كورونا
عادةً ما يتم تشخيص إصابة فيروس كورونا من خلال القصة المرضية، بشكلٍ خاص عبر السؤال عن السفر إلى إحدى المناطق التي تفشّت فيها الإصابة مُسبقًا، بالإضافة إلى السؤال عن التعرّض أو التفاعل مع مريضٍ مُصابٍ سابقًا بمرض كورونا.
تتضمّن الفحوصات التي تُساعد على تشخيص الفيروس مثل اختبار الدم (تحرّي وجود أضداد فيروس كورونا) واختبار اللعاب، بالإضافة إلى أخذ عيّنةٍ من الطريق التنفسي وإجراء اختبار تفاعل سلسلة البولوميراز (RT-PCR testing)، والذي يُعطي نتائج إيجابية في حال وجود فيروس كورونا. عادةً ما تؤخذ عيّنات الاختبار بعد 10 أيامٍ من ظهور الأعراض، وفي حال استمرار النتائج السلبية للاختبار حتى اليوم 28 من الأعراض فإن المريض يُعتبر سليمًا من فيروس كورونا.
علاج فيروس كورونا والوقاية منه
لسوء الحظ، فإن الأبحاث الطبية لم تنجح حتى الآن في تطوير علاجٍ شافٍ أو لقاحٍ للفيروس، والعلاج ينحصر في المعالجة العرضية وتخفيف حدّة الأعراض عند المريض، إلّا أن جهود العلماء لازالت مستمرّةً لإيجاده، ومن جهةٍ أخرى هناك عدّة قواعد يمكن اتّباعها من أجل تجنّب التقاط فيروس كورونا، نسوق من هذه القواعد:
- غسل اليدين بالماء والصابون لمدّة 20 ثانيةً، وتوعية الأطفال للقيام بذلك أيضًا، وفي حال عدم تواجد الماء أو الصابون فيمكن تطهير اليدين باستخدام الكحول.
- استخدام المناديل عند العطاس أو السعال ورميها مباشرةً.
- تجنّب لمس الأعين والأنف والفم، سيّما عند عدم ضمان نظافة اليدين.
- تجنّب التفاعل المباشر مع المصابين، وبشكلٍ خاص مشاركة الملابس والأدوات.
- تنظيف الأدوات والأمكان التي تُلمس بشكلٍ متكرّرٍ، كمقابض الأبواب والنوافذ، لأنها أكثر الأماكن احتمالًا لتواجد فيروس كورونا.
مما سبق، نرى أن متلازمة الشرق الأوسط (مرض كورونا) هو مرضٌ خطيرٌ يحمل في طيّاته تهديدًا واضحًا للبشريّة، وعلى الرغم من كون فيروس كورونا المسبّب لهذا المرض وعدم وجود علاجٍ شافٍ له، إلا أن جهود العلماء والباحثين الحثيثة لازالت مستمرّةً على أمل التوصّل للقاحٍ يقي الأشخاص المعرّضين للفيروس من الإصابة.
المصدر:
المراجع:
- RS-CoV)، من موقع: www.who.int، اطّلع عليه بتاريخ 8/1/2020
- 2 ، MERS-CoV: What you need to know، من موقع: www.medicalnewstoday.com، اطّلع عليه بتاريخ 8/1/2020
- 3 ، Middle East Respiratory Syndrome (MERS)، من موقع: www.uofmhealth.org، اطّلع عليه بتاريخ 8/1/2020
- 4 ، Prevention & Treatment، من موقع: www.cdc.gov، اطّلع عليه بتاريخ 8/1/2020